قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ} يريك يا محمد المشركين، {فِي مَنَامِكَ} أي: نومك. وقال الحسن: في منامك أي في عينك، لأن العين موضع النوم، {قَلِيلا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} لجبنتم {وَلَتَنَازَعْتُمْ} أي: اختلفتم {فِي الأمْرِ} أي: في الاحجام والإقدام، {وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} أي سلمكم من المخالفة والفشل، {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} قال ابن عباس: علم ما في صدوركم من الحب لله عز وجل: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا} قال مقاتل: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أن العدو قليل قبل لقاء العدو، وأخبر أصحابه بما رأى، فلما التقوا ببدر قلل الله المشركين في أعين المؤمنين.قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة، فأسرنا رجلا فقلنا كم كنتم؟ قال: ألفا.{وَيُقَلِّلُكُمْ} يا معشر المؤمنين {فِي أَعْيُنِهِمْ} قال السدي: قال ناس من المشركين: إن العير قد انصرفت فارجعوا، فقال أبو جهل: الآن إذا برز لكم محمد وأصحابه؟ فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم، إنما محمد وأصحابه أكلة جزور، فلا تقتلوهم، واربطوهم بالحبال- يقوله من القدرة التي في نفسه-: قال الكلبي: استقل بعضهم بعضا ليجترؤا على القتال، فقلل المشركين في أعين المؤمنين لكي لا يجبنوا، وقلل المؤمنين في أعين المشركين لكي لا يهربوا، {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا} من إعلاء الإسلام وإعزاز أهله وإذلال الشرك وأهله. {كَانَ مَفْعُولا} كائنا، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ}.